عام 2008 والإصدارات الأولية
| <table dir=ltr height=0 cellSpacing=0 cellPadding=0 width=330 border=0><tr><td align=right colSpan=2></IMG></TD></TR></TABLE> |
قصي بن عبدالمحسن الخنيزي
في تقرير حديث أعدته "زاوية دوت كوم" ونقلت مقتطفات منه صحيفة "الاقتصادية" يوم الثلاثاء الفائت، تم تقدير عدد الإصدارات العامة الأولية الجديدة خلال العام المقبل 2008 بنحو 118 إصداراً تغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "مينا".
وكما هو متوقع، تستحوذ دول الخليج مجتمعة على نحو 72% من عدد هذه الإصدارات بينما تستحوذ السعودية على نصيب الأسد بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 48 إصداراً، أي 41% من إجمالي عدد الإصدارات.
بداية، فإن توقعات التقرير بريادة سوق الإصدارات الأولية في السعودية على مستوى منطقة الخليج ومنطقة "مينا" ليست غريبة أو مستبعدة لعدة أسباب أهمها النمو الاقتصادي القوي لدول الخليج النفطية.
فالاقتصاد السعودي يشكل أكثر من ثلث حجم الاقتصاد العربي بينما يشكل حجم السوق السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً والنمو الاقتصادي القوي والمعتمد على تحركات أسعار النفط محركاً لاقتصاديات منطقة "مينا" غير النفطية من خلال الارتباطات في النمو الاقتصادي الإقليمي بين وحدات القطاع الخاص وتحرك عناصر الإنتاج بين الدول النفطية وغير النفطية.
لذا، فإن تسارع النمو الاقتصادي المدفوع بارتفاع أسعار النفط يأتي بنتائج إيجابية على حجم الإصدارات الأولية ونشاط الأسواق المالية للدول الغنية نفطياً أولاً، ثم تنتقل التأثيرات الإيجابية إلى الأسواق الأخرى الأقل اعتماداً على النفط من خلال عدة قنوات تحدد حجم تأثير النمو الاقتصادي بناء على كفاءتها في نقل فوائد وتبعات النمو الاقتصادي إقليمياً.
ومن الأسباب الأخرى التي قد تكون سبباً في ارتفاع عدد الإصدارات الأولية في منطقة "مينا" عموماً ومنطقة الخليج والسوق السعودية خصوصاً، مواكبة الإصلاحات الهيكلية التي تم تطبيقها في عدد من أسواق المنطقة، والتي تكثفت بعد ارتفاع الاهتمام الشعبي بوضع أسواق المال الإقليمية وتضمينها ضمن خيارات المواطنين الاستثمارية.
فتزايد الاهتمام الشعبي وتأثير تحركات أسواق الأسهم على دخل شريحة كبيرة من المواطنين جلها من الأفراد وتتضمن عددا كبيرا من محدودي ومتوسطي الدخل أدى بدول المنطقة إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية وسن التشريعات والأنظمة التي تستهدف الرقي ببيئة أسواق المال إلى مستوى الأسواق المالية المتقدمة التي تشكل ركناً أساسياً في اقتصاديات الدول الصناعية. |
كما أن الرغبة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أسواق المال في المنطقة تستلزم تحسين نظم فض المنازعات المالية، ورفع مستويات الشفافية إلى الجهات الرقابية والتنظيمية والتشريعية بنفس قدر وأهمية رفع مستويات الشفافية والإفصاح للشركات المساهمة.
فحين يقوم المستثمر الأجنبي بالبحث عن الأسواق والأسهم المرشحة للاستثمار، فإن المناطق الإقليمية تتنافس ويتم مقارنتها، ثم يتم مقارنة مختلف الأسواق داخل المناطق الجغرافية المستهدفة باستخدام متغيرات تشمل أساسيات الشركات المدرجة، البيئة الاقتصادية الكلية وتوجهاتها المستقبلية، المخاطر السياسية، والبيئة المؤسسية والتشريعية، بجانب متغيرات كثيرة أخرى تعتمد على نماذج الاستثمار المستخدمة.
إذن، فإن تشجيع عمليات الاستثمار الأجنبي المباشر في أسواق المال بدول المنطقة أدى إلى تحسين جودة النظم المؤسسية والتشريعات المتعلقة بأسواق المال، ما أدى إلى قيام المستثمر الإقليمي، الأجنبي، والمؤسساتي بمراقبة عمليات الطرح الأولي ومدى إمكانية المشاركة فيها والاستفادة من العوائد الكبيرة لأداء الأسهم المالية بعد بدء التداول.
من ناحية أخرى، فإن التزايد المتوقع لعمليات الإصدار الأولي خلال عام 2008 قد تشير إلى تغير في ثقافة التمويل لدى القطاع الخاص وبدء مزاحمة السوق المالية كمصدر تمويل ينافس المسيطر التقليدي على هيكل تمويل قطاع الأعمال في المنطقة ممثلاً بالبنوك التجارية. فتكلفة الحصول على التمويل من البنوك التجارية تفوق تكلفة الحصول على التمويل من السوق المالية التي تربط بين المساهمين "الملاك" والشركات المساهم فيها مباشرة عوضاً عن إقراض الشركات من خلال تمرير مدخرات المواطنين إلى الشركات من خلال قناة البنوك التي تستقطع لنفسها رسوم خدمات وعلاوة مخاطرة تؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل مقارنة بالتمويل من خلال السوق المالية.
وختاماً، فإن توقع ارتفاع عدد عمليات الإصدار الأولي في أسواق دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخصوصاً السوق السعودية يعد أمراً إيجابياً قد يشير إلى استمرار تدارك البداية البطيئة في نمو عمليات الإصدارات الأولية في عامي 2004 و2005.
من جانب آخر، فإن طرح المزيد من الشركات العاملة ذات الخطط المستقبلية الواضحة في السوق السعودية من شأنه أن يزيد من عمق السوق المالية وتنوعها لتشكل قناة استثمارية تعوض جزءا من الخسائر التي تكبدها الكثير من المساهمين في فترة ارتفاع الفقاعة الأخيرة ولجذب استثمارات أجنبية تتكامل مع قطاع الأعمال الوطني على المدى الطويل.
*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية. |